فيزيائيون يستعدون لإطلاق أكبر تجربة في تاريخ البشرية
وضع يوم 23-09-08 350 عالم فيزياء من 35 دولة الخطوط النهائية لعمل جهاز أطلقوا عليه اسم "أطلس" لرصد وتحليل البيانات التي سيقدمها المعجل النووي العملاق "هادورن" بالمركز الأوروبي للأبحاث النووية بجنيف، بعد بداية عمله في غضون أسابيع قليلة.
ويوصف المُعجّل "هادورن" والكاشف "أطلس" بأنهما أعقد جهازين علميين توصل إليها الإنسان إلى اليوم، ليقدما ما يقول عنها العلماء "أكبر تجربة في تاريخ العلوم الطبيعية، تهدف إلى معرفة أسرار نشأة الكون وطبيعة المادة".
وقال رئيس قسم الطاقة الفيزيائية بجامعة برن البروفيسور أنطونيو إريديتاتو للجزيرة نت إن لقاء العلماء في هذا المؤتمر الذي استمر أسبوعا كاملا "كان للتأكد من مراحل عمل برامج التشغيل وأجهزة الحاسوب، وفق المعايير القياسية الدقيقة والخطوات المتبعة لتلقي النتائج وتحليلها، وكيف يمكن التعامل في حالات الطوارئ التي لا نتوقعها في الأساس".
ونفى رئيس مجموعة تجهيز "أطلس" البروفيسور إريديتاتو أن يكون المؤتمر قد طرح المخاوف التي أثارها من قبل بعض المتشككين في نجاح "هادورن" أو التحذيرات من احتمال وقوع كارثة، لأنها مخاوف "ليست مبنية على أساس علمي سليم".
البروفيسور أنطونيو إريديتاتو (الجزيرة نت)
كما أوضح أن المخاوف من حدوث ما يوصف بثقب أسود سيبتلع الكون إثر انطلاق "هادورن" في العمل غير مبررة، "لأن قوة التصادم المتوقعة داخل الجهاز ليست مثل تلك التي تحدث بين المجرات والنجوم أو داخل الشمس، بل هي أشبه بسقوط قلم رصاص على الأرض من ارتفاع متر واحد".
ولتبسيط التجربة قال إريديتاتو "إن المخاوف التي يتحدثون عنها تكون عند انشطار نواة الذرة وحدوث ما توصف بالتفاعلات الانشطارية المتسلسلة مثل تلك التي تحدث في القنبلة النووية، بينما ما نقوم به هو الخطوة العكسية، أي أننا نسعى لإعادة البروتونات إلى الجزئيات عن طريق التصادم".
وقال إن النتائج المتوقعة من هذا التفاعل العكسي كثيرة، فمن تلك النتائج "يمكن التعرف بشكل عملي على تكوين المادة وكيف نشأ الكون، وسنحاول التعرف على صحة نظريتي التصادم الكبير والانفجار الهائل التي نعتقد أنها أدت إلى ظهور المجموعة الشمسية".
لكنه في المقابل يرى أن جميع النتائج التي سيحصل عليها العلماء ستكون مفاجئة بكل المقاييس، "فهي إما ستعزز بقوة صحة النظريات التي لم نتمكن من إثباتها، أو تضع العلم أمام حقائق أخرى لم نكن نعرفها".
وبصفة عامة فإن تحليل البيانات التي سيرصدها "أطلس" ستستغرق وقتا طويلا، ويقول إريديتاتو "سنحصل على البيانات التي يمكن تحليلها بعد أسابيع من تشغيل المعجل "هادورن"، أما النتائج فقد تستغرق شهورا للحصول عليها.
ويزن "أطلس" 7000 طن، ويبلغ محيطه 22 مترا، ويتكون من أربعة أجزاء، أهمها مُولد للمجال المغناطيسي بقوة 2 تسلا، يقوم برصد مراحل تأين الجزيئات وتغيير شحنتها، ثم جهاز تنسيق القوة المغناطيسية الناتجة لتكون متجانسة في تأثيرها على الجزئيات.
ويقوم مقياس الطاقة الحرارية بمتابعة وتحديد مسار الطاقة الناجمة عن المجال الكهرومغناطيسي، ويرصد التغيرات التي يحدثها هذا المجال نتيجة عملية التأين وتصادم البروتونات.
تليها وحدة رصد الجسيمات الناجمة عن مراحل التفاعل المختلفة في المعجل هادورن، التي تقوم بتصنيفها تمهيدا لتحليل كل نوع على انفصال قبل وحدة الربط بين البيانات التي تقوم بها مجموعة من الحواسيب.
[